اليوم الثاني

السلام عليكمـ
اهلاوسهلا بكم اعضاء منتدى عالم التطوير
اليوم نضع لكم هذا الموضوع
فنتمنى ان يعجبكمـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ



اليوم الثاني

بدا نومي يعتدل تدريجياً .. استيقظت مع مطلع الفجر .. صوت الآذان وقع في نفسي موقعاً مؤثراً لعدة أشهر مضت لم اسمعه .. ظللت أتأمل وأتفكر في كلماته وأنا أردد خلف المؤذن .. التقطت بقايا ملابسي ثم ذهبت لأداء الحق الإلهي .. عدت وإذا برائحة القهوة العربية تملأ المكان شعرت أن جسمي بأكمله يستنشقها .. دقائق واذا بالقهوة محمولة بكفي امي... صوت حذاء اخي يأتي من بعيد .. ما أسرع قدومه عند المنافع .. استندت على الحائط وبدأت التهم حبات التمر وحدة تلو الأخرى لتخرج العبس كقشور الفصفص .. كنت مشتاق لأنواع مختلفة من التمور .. سألت أمي وإذا بأخي يرد .. / وش تبي ازين من السكري؟ ما سمعت اللي يقول قهوتن بلا تمر السكري مثل مجلة بلا صورة العسكري .. نظرت إليه شزراً ثم واصلت الحديث لوالدتي .. قلت أريد شئياً من رطب الونان أو مكنوز الإخلاص .. وإذا بالجواب يأتي منه .. قايلك يمه تراه حقنه تفرحين به أول يومين ثم يغثك بطلباته .. لم أجاريه بالرد ولكني ساويته بالأخوات المركى والمسندة .. دقائق حتى أنصرف أخي إلى مدرسته وبدأت أمي في أعباء المنزل ثم أتت الخادمة فكرهت تواجدي فررت إلى الملحق .. مقر إقامتي وعدت إلى شاشة البلازما الكبيرة .. أدرتها وعزمت أن أهجـر قنوات الغناء والمشاهدة الرخيصة .. الرياضة نعم الرياضة ... ما هي أخبارها؟ وكيف حال دورينا؟ وكؤوس ملوكنا وأمرائنا؟ بدأت أقلب القنوات وإذا بإستديو تحليلي فخم للغاية .. وإخراج جميل ومذيع وسيم يتوسط الحضور .. وإذا بالكل يشجبُ ويستنكر ويستغرب هذه المشاهد الدخيلة على رياضتنا .. وآخر يُطالب بأعلى صوته بالعقوبة الرادعة والتوقيف العاجل .. ثم دقائق وآتوا بمقابلات حصريه مع اللاعبين مُثري الشغب .. فقلت كيف يُطالبون بعقابهم ثم يحتفون بهم بهذا اللقاء التلفزيوني؟ ويقدمونهم ويفضلونهم على اللاعبين الذين حسموا المباراة؟ مرت نصف ساعة كأنها دهر .. وإذا بالأمر يقتصر بلاعب ضرب منافسه فرد له الضرب حدث ذلك كله في أقل من نصف دقيقة .. وأصبح حديث الاستيديو عن تلك الضربة ونسوا المباراة بأكملها رغم أهميتها .. ونسوا الإنجاز الكبير الذي حققه الفائز بوصوله للنهائي ..قلت في نفسي ما أجمل الإخراج القديم الذي لا يعرض تلك المشاهد ويركز على الرياضة فقط .. تركت القناة وذهبت لإستديو آخر .. يبدو متواضع وشعبي .. الضيوف كعدد فريق كرة قدم .. أو أقل قليلاً .. يتحدث اثنان وثلاثة في نفس الوقت بطريقة همجية .. لاحظت أن كل ضيف محسوب على نادي مشهور وقد وضعوا بطريقة دقيقة وحساسة .. وكل ضيف عليه أن يدافع عن ناديه باستبسال لينال رضا الجمهور والنادي وتزيد شعبيته ثم يكثر الطلب عليه لترتفع قيمته المادية والمعنوية .. لم أفهم من حديثهم شئ .. سوى آخر دقائق البرنامج عندما تباكوا جميعاً على المنافسة الشريفة والروح الرياضية المفقودة (!!) .. وأسقطوها على رؤساء الأندية بتصريحاتهم النارية التي يقومون هم بترديدها ليل نهار .. فقلت في نفسي كيف تُنكرون عليهم وأنتم ترددون وتقلبون حديثهم لساعات طوال بين مؤيد ومعارض .. ومُنتفع ومُفاوض؟

ذهبت لقناة خليجية عُرفت بالإثارة والبلبلة .. وإذا بإتصال من مدير المركز الإعلامي بنادي منافس على البطولة المحلية .. ويتكلم عن منافسه الآخر "المتصدر" الذي سبقه بنقطة أو نقطتين ويصفهم بالضعفاء والجبناء .. فقلت في نفسي كيف يستقيم ذلك وهم يُنافسونك وقد تقدموا عليك؟ فإن كان منافسك ضعيف فأنت في الضعف شريكه.. ثم بدأ يسرد سيل من التهم وينعتهم بصفات قبيحة .. كقوله هم كائنات صغيرة .. وحشرات حقيرة .. ثم ارتعدت فرائسه فاستثنى الرئيس الفخري .. صاحب المكانة الكبيرة والمنزلة العالية .. فاسمه ينتهي بعائلة رفيعة .. فقلت في نفسي "الذلة بنت حلال" .. قلبت القناة وإذا بمقدم بوجه مربوع كبير وجذع ملئ ضخم .. قد استدار وجه ليقابل الكاميرا .. ثم يقول بصوت واثق مغرور .. الآن مع لقطات حصرية وخاصة .. استثارتني هذه الكلمة واستوقفتني .. وأصبحت متشوقاً لمشاهدتها .. واذا بلاعب بزاوية في الملعب بعيدة .. يبصق على خصمه .. ويعيد المخرج البصق من خروجه من فم اللاعب حتى تقع على وجه خصمه وتشاهد القطرات تتطاير .. شعرت برغبة بالتقئ .. أهذه لقطات حصرية؟ أهذه التغطية؟ أهذه الرياضة؟ أهكذا تكون الإثارة؟ أهي رغبة من المشاهدين؟ أم فراغ عقلي وفكري وخواء يقبع هذه القنوات؟

الرياضة لم تعد ذلك الفن الذي يستمتع الخاسر قبل الفائز بمشاهدته.. ولم تعد تلك التسعون دقيقة الممتعة لكل الرياضيين باختلاف ألوانهم .. ولم تعد تلك المواهب الرياضية التي نفخر بها ..

الرياضة أصحبت البحث عن الشهرة والأضواء والإثارة .. والتسابق على المحطات الفضائية .. الرياضة أصحبت غسيل وهدر للأموال والثروات .. بينما المشاهدون لا يملكون الأساسيات والضرورات لهذه الحياة ..


لا يهم كل ذلك .. ما يحزن ويقلق هو أن ترى صديقان متحابان .. قد اتفقوا في كل أمورهم .. ثم أتت هذه الرياضة الحقيرة بأساليب أصحابها الدنيئة .. فنزعت بين قلوبهم .. أو إخوة أشقاء يتفطر قلب أمهم وهي تراهم يتخاصمون ويتشاتمون .. أو نقرا في إحدى الصحف بين فترة وأخرى طلاق رجل لزوجته بسبب مباراة دنيئة .. وقد تركوا الأبناء ضائعين تائيهن لا مأوى لهم ..


ولوأدرك الأخ أو الزوج أو الصديق .. أن ذلك اللاعب الذي يدافع عنه ليل نهار وخسر صداقاته واسرته لاجله .. لو شاهده في الشارع وهب للسلام عليه .. لربما تأفف اللاعب وتضايق من كثرة الجماهير المقبلة ومن تلك الشهرة المزعجة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كآن هنا : ـ_ـ الزعيم الازرق ـ_ـ