مع الشيخ العرعور ... [حسين بن محمود] 17 ربيع الثاني 1435هـ

عدد المساهمات : 86

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الشيخ العرعور

طلب مني بعض الإخوة الإستماع إلى مقطع مرئي في الشبكة العالمية (https://www.youtube.com/watch?v=fiwlgBHXwX4) يتكلم فيه الشيخ عدنان العرعور عن الدولة الإسلامية فوجدت أمراً سائني جداً لا يحسُن أن يصدر من العوام ، فضلاً عن عالم يدّعي نصرة الجهاد في الأرض المباركة ، فوقفت معه هذه الوقفات ..

قال الشيخ العرعور : "أنت كويتي ما لك ورئاسة الجمهورية ، وأنت سعودي ما لك ورئاسة الجمهورية ، لا يمكن أن يصير إلا أن نجنّسك وتجلس خمس سنين ..." إلى آخر كلامه ، وكأنه يتحدث عن المجاهدين في الشام من المهاجرين وأنهم لا يمكن أن يحكموا "سورياً" لأنهم ليسوا من أهلها ، وإنما أهلها من يحمل جنسيتها ، وهذا الكلام لا شك أنه باطل مخالف لقول الله تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء : 92) ، وأين هو من الدولة الأموية التي حكمت الشام وكانت عاصمتها دمشق ، والدولة العباسية التي حكمت الأمة وعاصمتها بغداد ، والكل يعلم بأن هؤلاء الخلفاء من قريش من جزيرة العرب ، فهل حكمهم جائز أم مخالف لقوانين التجنيس التي يدعوا إليها الشيخ والتي تخالف الأحكام الشرعية ، فقضية الوطنية والجنسية من قضايا الجاهلية التي لا تمت للدين بصلة ، فكل دولة إسلامية موطن لكل مسلم ، له فيها من الحقوق ما لأهلها وعليه ما عليهم ..

ثم قال بعدها " لأنني أنا منبّهكم يا داعش يا حمير ، كلمة دولة بدعة ، لازم تسمونها خلافة ، أو الإمارة الإسلامية ..." هنا وقع الشيخ في محذورين : الأول قوله "داعش يا حمير" وهذا لا شك من التنابز بالألقاب المنهي عنه في كتاب الله تعالى وعلى لسان النبي صلى الله عليه وسلم كون الذين يقصدهم الشيخ مسلمون مجاهدون في سبيل الله ، قال تعالى {وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات : 11) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ليس المؤمنُ بالطَّعَّان ولا اللَّعَّان ولا الفاحِش ولا البذَيء" (الترمذي وحسّنه) ..

أما كون اسم "الدولة" بدعة فهذا خطأ ، لأن البدعة اصطلاحاً هي "طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى" (الإعتصام للشاطبي) ، ومصطلح الدولة ليس داخلاً في مفهوم البدعة بالمعنى الشرعي ولا حتى اللغوي ، بل هو مما اصطلح عليه الناس ، ولا مشاحة في الإصطلاح ، والمؤرخون يقولون : "الدولة الأموية" و"الدولة العباسية" و"الدولة العثمانية" و"دولة المماليك" و"الدولة السلجوقية" ، والبلد التي يعيش فيها الشيخ العرعور يقولون في تاريخهم "الدولة السعودية : الأولى ، والثانية ، والثالثة" .. أما مصطلح "المملكة العربية السعودية" فهو أعظم وأشد نكارة من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" حيث نسبَ "آل سعود" جزيرة العرب ومهبط الوحي لأنفسهم !!

ثم قال الشيخ العرعور بتهكم وسخرية أن "نسبه معروف وأنه أولى بالخلافة من البغدادي" (هذا معنى كلامه) ، مفاخراً بنسبه البغدادي ، فنقول : إن لم تكن من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما فلا مجال للمقارنة ، ونحن نعرف نسب البغدادي حفظه الله ، ومع ذلك نذكّر الشيخ – غفر الله لنا وله - بقول النبي صلى الله عليه وسلم "ومن بطّأ به عملُه ، لم يسرعْ به نسبُه" (مسلم) ، فالأمر ليس بالأنساب بل بالأعمال ، وليس القاعد أو المتخلف كالمجاهد ..
أما مسألة الخلافة : فكلام الشيخ العرعور يوحي بأن البغدادي دعا لنفسه بالخلافة ، وهذا لم يحصل ، ولكن لنفرض أنه حصل : فما الضير في ذلك ؟ وهل قيام الخلافة الإسلامية مدعاة للسخرية !! من أقام شرع الله في الأرض وكانت له قوة وشوكة ومنعة ، وكان قرشياً مجاهداً تتوفر فيه شروط الخلافة فما المانع من إعلانه للخلافة ومبايعة الناس له !! الخلافة راجعة بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن رجعت بالبغدادي أو بغيره ، وكانت خلافة صحيحة توفرت فيها الشروط ، فهذا هو المطلوب ، بل هذا واجب ، وهو حلم كلم مسلم !!

أما مسألة "اللثام" التي يسخر منها الشيخ العرعور - هدانا الله وإياه – فهذه من المسائل التي نبهنا عليها أهل الجهاد من المهاجرين وقلنا لهم بأنه لا ينبغي لمهاجر أن يكشف عن وجهه في التسجيلات المرئية ، ولا أن يعرّف الناس بنفسه لأنه يضر بها بعد رجوعه إلى بلاده ، ففي سجون آل سعود وحدها قرابة الثلاثين ألف مجاهد ، ومسألة التخفي وقت الطلب سنة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي تخفّى عن قريش حينما عرضوا مائة ناقة لمن يأسره أو يقتله ، فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج في الظلام ، وترك علياً رضي الله عنه في فراشه ، ولجأ إلى الغار ثلاثة أيام ، واتخذ طريقاً غير الطريق المعتاد ، وقابل أشخاصاً في الطريق لم يخبرهم بشأنه ، كل هذا لينجوا من الطلب ، فغيره من باب أولى ، وكم من قائد جيش إسلامي في زماننا قُتل بسبب الظهور العلني : فمن جوهر دوداييف إلى أصلان مسخادوف إلى خطاب وشامل باساييف والزرقاوي والمهاجر وأسامة بن لادن وغيرهم كثير قُتلوا لأنهم ظهروا للناس فعرفتهم العيون ، وإذا كانت أكثر أجهزة الإستخبارات في الأرض تطلبك ، وكثير من جيوش الأرض تريد قتلك فالواجب الحيطة والحذر ، خاصة من كان يعيش بين الرافضة والنصيرية ومن لا دين له .. الطلب اليوم ليس بالسيوف ، بل بالصواريخ الموجّهة ، وهذه تستطيع قتل الإنسان إذا عرفت إحداثيات مكانه ..

ثم كان بقية كلام الشيخ العرعور طيباً في مسألة الوحدة وإيجاد مجلس قضاء موحّد وغيرها من الأمور التي لو قالها الشيخ بأسلوب العلماء البعيد عن التهكّم لكان أدعى للقبول وأليق بأهل العلم ، فنسأل الله أن يغفر للشيخ ويهديه ويتجاوز عن زلاته ..

لو كنت من الشيخ العرعور لخجلت من نفسي ، ولم أتكلم في أهل الجهاد بكلمة واحدة ، فهؤلاء نفروا للجهاد في الشام وهم من جزيرة العرب والقوقاز ومصر والمغرب والعراق وغيرها من البلاد ، والشيخ العرعور من الشام ويجلس في كنف وضيافة "آل سعود" الذين علم القاصي والداني خيانتهم للدين : فهم الذين دعموا بشار في بداية الثورة ب (300 مليون دولار) وهذا المُعلن فقط ، ودعموا الإنقلابيين في مصر بمليارات الدولارات لقتل المسلمين ، فكان الأولى بالشيخ العرعور أن ينفر لبلاده ويقاتل فيها بدلاً من همز ولمز من لبى نداء الله !!

نربأ بأهل العلم أن يكونوا هكذا ، وخاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها الأمة ، فالأولى توجيه الشباب وتحريضهم على الجهاد في سبيل الله ، وليس التهكم والسخرية من الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم وأهليهم ليدافعوا عن بلاد الإسلام !! ألا يستحي من يتهكّم بهؤلاء وهو يعلم أنهم يدافعون عن عرضه بينما هو هارب بعيد ترك بناته وأخواته في الشام !! من الأولى بالتهكّم والسخرية ، ** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} ، إن لم يمنع البعض الدينُ والورع فليمنعهم الحياء والخجل .. ما الفرق بين من يسخر من المجاهدين في الشام وبين من يسخر من المصلين الصلوات المفروضة وهو لا يصلي ، أو الصائمين في رمضان وهو مفطر ، فالجهاد في الشام فرض عين باتفاق العلماء ..

بما أن الشيخ العرعور استخدم الحلف في كلامه فلا بأس أن نحلف هنا ونقول للشيخ العرعور هداه الله : نقسم بالذي رفع السماء بلا عمد أن أهل الجهاد خيرٌ منك ، وأن لحظاتهم في المعارك خير من حياتك كلها ، قال تعالى {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (النساء : 95-96) ، وهذا في جهاد الطلب .. قال صلى الله عليه وسلم "منْ قَاتَل في سَبيلِ الله من رَجُل مُسْلم فُواقَ نَاقة ، وجَبَتْ لَهُ الجنَّة" (أبو داود ، وهو صحيح) ، وقال صلى الله عليه وسلم "لغدوة في سبيل اللَّه أوروْحة خيرمن الدّنيا ومافيها" (متفق عليه) ، وهذه آيات الله تعالى وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فليُخرج لنا الشيخ عدنان كلمة يستطيع أن يحاججنا بها في مسألة التفاضل بين المجاهد والقاعد أو المتخلّف عن جهاد الدفع ..

أما القاعد والمتخلّف عن الجهاد فقد قال الله تعالى في شأنه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التوبة : 38-39) ، فأين الموعود بــ **دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً} مِن المخاطَب بقوله تعالى **إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِل ْقَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَتَضُرُّوهُ شَيْئًا} ..

قال تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَم ْيَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (التوبة : 16) .. الوليجة : البطانة (ابن كثير) ، فكيف يستوي من اتخذه آل سعود بطانة ، ومن جاهد في سبيل الله !! لا يستوون ، لا يستوون ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لم يغز أو يجهز غازياً أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه اللَّه بقارعة قبل يوم القيامة" (أبو داود : اسناده صحيح) ، فكيف بك يا شيخ عرعور وأنت تتهكّم بالمجاهدين !! وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لاتتمنوا لقاء العدو واسألوا اللَّه العافية ، فإذا لقيتموه فاصبروا" (متفق عليه) ولم يقل صلى الله عليه وسلم "وإذا لقيتموهم فاهربوا" أو "تكلموا عن المجاهدين في القنوات الإعلامية بتهكم وسخرية" أو "كونوا في ضيافة من يحارب الله ورسوله" فيفتح لكم المجال في القنوات الفضائية للنيل من المجاهدين أعداءه !!

إن كان الشيخ العرعور يرى أن ما هو فيه من "جهاد الكلمة" فهو أبعد ما يكون عن الحقيقة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من ضيّق منزلا ، أو قطع طريقاً ، أو آذى مؤمنا ، فلا جهادله" (صحيح: صحيح الجامع) ، فكيف بمن آذى مجاهداً في سبيل الله !!

ليقرأ الشيخ العرعور قول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (الأنفال : 15-16) ، وليخبرنا الشيخ الشامي من أي الفئتين هو : هل هو من المتحرّفين لقتال ، أم من المتحيّزين لفئة ، فالجهاد في حق أهل الشام اليوم واجب بالإجماع ، فهلا اشتغل الشيخ العرعور بنفسه وخاف من وعيد الله عليه وعلى أبناءه قبل أن يخوض في المجاهدين ..

إن أهل الجهاد هم أهل الصدق والتقوى ، قال تعالى {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة : 177) ، وأهل الجهاد هم أهل الإيمان {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات :15) ، وأهل الإيمان والتقوى هم أولياء الله تعالى {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (يونس : 62-63) ، وقد توعّد الله تعالى من عادى أولياءه في الحديث القدسي : "من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب" (البخاري) ، فأي خير يرجوه من يؤذي أولياء الله من المجاهدين وقد آذنه الله بالحرب !!

إننا ننصح الشيخ العرعور أن يراجع نفسه ، ويعلم أن الله تعالى لا يغفل ، وأنه لا يُهمل ، وقد تتبعنا من آذى المجاهدين في الحرب الأفغانية السوفييتية مروراً بالحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق ، ثم الحرب في مالي والصومال والشيشان ، ورأينا سنة الله تعالى في كل من يدّعي الإسلام ويؤذي هؤلاء المجاهدين ، فليحذر الشيخ أن يكون ممن آذى المؤمنين {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (الحج : 38) ، فهذه النصيحة للشيخ العرعور خاصة ، ولكل علماء ودعاة الأمة الذين لم يكفهم تخاذلهم وقعودهم وتخلفهم مع عن الجهاد في سبيل الله حتى أخذوا في النيل من المجاهدين في موقف يستحي منه أهل الجاهلية ..

من لم يكن مجاهداً ، ورضي أن يكون ممن قال الله فيهم {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} (التوبة : 86-87) قال ابن الجوزي في زاد المسير : وفي الخوالف قولان : أحدهما : أنهم النساء ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وشمر بن عطية ، وابن زيد ، والفراء ... قال ابن الانباري: الخوالف لا يقع إلا على النساء ... والقول الثاني: أن الخوالف خِساس الناس وأدنياؤُهم" (انتهى مختصراً) ، فحُقّ لمن رضي أن يكون مع النساء أن يُخفض صوته ولا يتكلّم في الرجال لأن "صوت المرأة عورة" عند بعض الفقهاء ، ومن أبى فقد وقع في التفسير الثاني وصار من خِساس الناس وأدنيائهم لأنه ما عرف قدر نفسه وخاض في أسياده من الرجال المجاهدين ..

ليس هذا الكلام دفاعاً عن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" خاصة ، بل هو دفاع عن المجاهدين عامّة ، فكل كلام يوجّه إلى مجاهد يقع معناه على بقية المجاهدين ، وإن لم يذكر قائله جماعة بعينها اليوم فسيذكرها غدا ، أو يقع إيحاء كلامه في قلوب المستمعين على باقي الجماعات ، ولذلك لا بد من التصدي لكل كلمة فيها انتقاص لأي مجاهد حتى لا يقع في قلوب المسلمين أي معنى للجهاد غير معاني الوحي السامية : من رفعة ، وإيمان ، وصدق ، وهدى ، وتقوى ، وعزّة ، وفضل ، وعلوّ منزلة ..

ينبغي أن تنشأ الناشئة على حب أهل الجهاد واحترامهم وتقديرهم ومعرفة فضلهم ، ومعنى الإنتقاص والتهكّم بأهل الجهاد : الإنتقاص من قدرهم وقدر الجهاد في قلوب الناشئة ، فتشأ أجيال لا تقيم للتضحية في سبيل الله وزنا ، وهذا ما يريده أعداء الدين ، فليحذر المسلم أن يكون أداة لأعداء الإسلام يحقق لهم أهدافهم من حيث لا يشعر ، فالأمر أعظم من جماعة هنا وأفراد هناك ..

ماذا لو اشتغل بعض الناس بالتهكّم والسخرية من العلماء ، ماذا يكون قدر العلماء عند العامة إذا سكت الناس عن مثل هذا !! كلم تكلمنا ودافعنا عن العلماء ضد الهجمات الشرسة في الإعلام الذي نشر الأفلام والمسلسلات والبرامج الساخرة منهم ، وكم أفتى العلماء بكفر وردّة من سخِر من العلماء ، لأن السخرية منهم : سخرية من الدين الذي يحملونه ، وكذلك السخرية من أهل الجهاد : سخرية من الدين الذي يقاتلون من أجله ، فالأمر واحد ، ومن أعظم المصائب : أن يسخر من يدعي العلم من أهل الجهاد ، فهنا الكارثة {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} !!

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

عدد المساهمات : 35

موضوع رائع ومميز

شكرا لك

شكرا لك

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيد ♥
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥
ننتظر إبداعاتك الجميلة بفارغ الصبر

» الشيخ العرعور ينفي استباحته لدماء مجاهدي "دولة الإسلام"
» أخبار الملكي في صحف اليوم | الأحـد 7 ربيع الثاني 1434هـ | تم تحديث الاخبار
» أخبار الملكي في صحف اليوم | الإثنين 8 ربيع الثاني 1434هـ | تم تحديث الاخبار
» اليوم الثاني
» صور حسين عبد الغني3