عالم التطوير العربي

عالم التطوير .. أحلى منتدى في أحلى منتدى ..
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
منتديات برامج نت العربية
منتدى برامج نت المجانية
تحميل Rosetta Stone التطبيق الأول عالمياً لتعلم اللغات - تحميل App Rosetta Stone
منتديات عرب مسلم
منتدى برامج نت
منتدى عرب مسلم
منتديات برامج نت
منتديات مثقف دوت كوم
منتدى فتكات - منتديات عالم حواء
منتدى المشاغب
أمس في 6:22 pm
أمس في 6:21 pm
أمس في 4:34 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:49 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:48 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:48 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:48 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:47 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:47 pm
الإثنين نوفمبر 18, 2024 3:47 pm











 

 الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله

اذهب الى الأسفل 
+4
aymen.z
التصميم حياتي
Ỉŗάqi ƒάℓζǿή
tech n9ne
8 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
tech n9ne

tech n9ne


عدد المساهمات : 86

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالأربعاء فبراير 19, 2014 8:15 pm


الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله 82ca1e9990f1d5459656c1688f2598ab
الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله

باريس هي برج بابل ومدينة الأبديّة وصورة الزمن إن لم تكن هي الزمن ذاته


يعتبر الروائي العراقي شاكر نوري من الكتّاب العرب الأكثر ولعاً بالمدن والتجوال عبر المدن، وقد وضع هذا الكاتب، الذي عاش في باريس لثلاثة عقود، العديد من الروايات والدراسات والتراجم وكتب اليوميّات، آخرها كتابه «بطاقة إقامة في برج بابل»، الذي حاز عليه جائزة إبن بطوطة لأدب اليوميّات. هنا في هذا الحوار معه، يتركّز الحديث حول باريس كما رآها في يوميّاته، وكما تجلّت له كمهاجر عربي في باريس.


«المشاهد السياسي» ـ باريس

ما الذي حملك على كتابة كتاب عن باريس وقد كتب عنها الكثير من الكتب، وأشبعها مثقّفو العالم بحثاً ووصفاً وقراءة؟
باريس تثير شهوة الكتابة على الدوام، شأنها في ذلك شأن المدن الأسطورية الخالدة: أثينا أو روما أو بغداد أو إسطنبول، التي توحّدت بفناراتها المضيئة في التاريخ ذات مرّة، لها مدفن عظمائها وأقواس نصرها وأعمدتها الرخاميّة وخرائبها المندثرة مثل مدينة القياصرة، ولها أبطالها وجزرها الصغيرة مثل إسبارطة، ولها تناقضاتها الطبقية مثل الهند، ولها روّادها مثل ألمانيا، ولها حريمها مثل القسطنطينية، ولها كرنڤالها مثل البندقية، ولها تيناتها مثل جزيرة كريت، ولها مدمنوها مثل آكلي الأفيون في الصين، ولها قصورها مثل جنوى، ولها مصانعها مثل مانشستر، ولها هنودها الحمر مثل أميركا، ولها دراويشها مثل بغداد. برج بابل تلتقي فيه كلّ الأجناس والأديان والعلوم والفلسفات والصناعات والفنون من دون أن يحاول الإنسان أو الإله توحيدها.
إنها إذن المدينة التي لا تستنفد. ومن تجربتي في الاقامة عقوداً في باريس، أقول إن هذه المدينة العظيمة تمنحك طمأنينة المواطن من دون أن تفرض عليك واجباته، وتمنحك بطاقة إقامة من دون أن تطالبك بتغيير جنسيّتك، وتسمح لك بالتجوّل في طوابق هذا البرج ومدرّجاته من دون إذن بالمرور أو تأشيرة دخول.
في داخل بقايا أسوارها المحنّطة على شكل مآثر تاريخية، أو خارج بوّاباتها المفتوحة على الضواحي، تدخل إليها من الحزام الخارجي المدوّر، أو تغادر منها، تشعر بأنك تدخل في قرية صغيرة؛ ومجموعة هذه القرى عندما تنعكس في مرايا تفكيرك تصبح دوائر، وهذه المدينة ما هي إلا دوائر يتّصل بعضها ببعضها الآخر كتوائم ولدت ملتصقة، وبفصلها تموت هذه التوائم مثلما تموت هذه المدينة.
بدخولك وخروجك من الدوائر، تكتشف أن المدينة كانت وما زالت تتوالد في رحم خصبة على الدوام؛ فيها تمضي كشبح أو كظلّ حين تصطدم بك عيون الآخرين، تحاول أن تغضّ الطرف عن رؤيتك وكأنها لا تريد التعرّف إليك، تتجاهلك لتشعرك بأنك الوحيد في المدينة. إنها العزلة العميقة التي تمنحك بعض الطمأنينة وبعض الماء الصافي.. عزلة من النوع الذي يرجعك إلى أغوار ذاتك، لتشعر بأنك وحيد ومرثي من الآخرين.
باريس حاضرة، لكنها تئنّ تحت تفاصيل التاريخ وعبئه الثقيل؛ في كل خطوة تخطوها ثمّة ماض يذكّرك بالزمن، ثمّة لوحة زرقاء يغطّيها الغبار معلّقة على واجهة فندق قديم في الحيّ اللاتيني، كتب عليها ـ هنا عاش سيغموند فرويد عامين كاملين، وهو فندق متواضع نادراً ما يرفع السيّاح رؤوسهم إلى الباب ليقرأوا هذه اللوحة، أو أن عامل التنظيفات، عندما يمرّر إسفنجة على هذه اللوحة، لا يستطيع قراءة الغبار، لأنه سرعان ما يتطاير مع نظريّات التحليل النفساني؛ وفي ساحة الأوديون، يواجهك قائد الثورة دانتون الذي أعدم في كومونة باريس، وثمّة لوحة معدنية أخرى معلّقة على جدران أنفاق المترو كتب عليها ـ هنا اغتالت النازيّة الشاعر الشاب غي موكيه؛ وهناك آلاف اللوحات المعدنية الزرقاء، حفرها كتّاب وشعراء وفلاسفة وقادة ونبلاء وأمراء وصعاليك في ذاكرة هذه المدينة، كأنهم محاربون قدماء رفعوا راية النصر قبل أن تخترق أجسادهم طلقات الرصاص الأخيرة. ولو قدّر لهؤلاء الموتى أن ينهضوا مرّة واحدة من قبورهم، لأشعروا الأحياء بأن أكثر المدن بريقاً هي تلك المدن التي تشبّعت بقامات موتاها.
المدينة إذاً صورة الزمن إذا لم تكن الزمن بذاته، فهي تؤرّخ للأيام الراحلة، وتنقش على الذاكرة عطر أناس عاشوا فيها ردحاً من الزمن، أو مرّوا فيها مروراً عابراً، أو ماتوا وقبروا في مقابرها المكلّلة بالزهور، وهم نادمون على فراق أوطانهم في اللحظة الأخيرة.

باريس الكلمات

لكن، ألا تخشى أن يتورّط القارئ العربي، من خلال كتابك، في حبّ باريس كحبّ السيّاح العابرين في الأماكن، فلا ينفذون إلى طبقات المدينة وأبعادها الحضارية، فهل يمكن تعريف مدينة بالكلمات؟
تخوفّك في مكانه، ولكن ماذا تريد من الكلمات أن تفعل؟ أنا أبذل أقصى ما في طاقة الكلمات على الوصف، والبقية على القارئ. باريس صرح هائل لا يتمكّن المرء من تعريفها إلا بالكلمات الكبيرة: هنري ميللر، أرنست همنغواي، جوليان غرين، رفاعة الطهطاوي، توفيق الحكيم، وسهيل إدريس وغيرهم. من أين انطلقت كتاباتهم من اليوميّات أم من الاعترافات؟
لا نستطيع أن نبعد هؤلاء المبدعين عن أذهاننا، ونحن نتردّد على الأماكن التي وطئتها أقدامهم، وتآلفوا معها، وشمّوا رائحتها، وجلسوا في مقاهيها، وتمشّوا في شوارعها، وجابوا طرقها، وعبروا أزقّتها الضيقة.

مدينة بلا حدود

ما دمت ذكرت هذه الأسماء، فهل كتب هؤلاء عن باريس نوعاً من أدب الرحلات أم ذهبوا إلى أعماق ذواتهم، في محاولة لتشييدها من الداخل وكسر حدودها ومسمّيات شوارعها وأحيائها ومعالمها، وما الذي فعلته أنت في كتابك؟
حين نقرأ تلك النصوص، ندرك أن هذه المدينة لا تعرف الحدود، لذا علينا أن نسافر منها إلى برج بابل ومن برج بابل إليها. إنها إذاً الكتابة عن الزمن، عن هذه العزلة المكتظّة بالبشر، وهي تحثّك على الانغماس بمباهجها، وسرعان ما تنتهي منها من أجل أن تعود إلى محراب عزلتك، تنتظرك المدينة متوثّبة، لتمتصّ من رحيقك، من نضارتك، من شبابك، من تعب قدميك في تسلّق مدرّجات أنفاقها الأرضية، ثم تطرحك جانباً لتضعك في غبار النسيان، وتطويك في مجاريها الضخمة مثل قشّة مهملة، لتقذفك في بحر لا تجد فيه من ينادمك سوى النسيان والحيتان وأسماك القرش والمراكب الغرقى الضائعة في الأعماق.
إنها المدينة الوحيدة التي تهتمّ بها، من دون أن تعبأ بك سوى في اللحظة التي تنظر إلى صرحها. إنها المرآة التي تعكس وجهك وقد دبّت فيه تجاعيد الشيخوخة. وحين تلتفت إلى مبانيها الشاهقة، تمتلئ عجباً ودهشة، بأنك تشيخ وهي تتجدّد. أنت تفقد الخلايا وهي تكتنز بخلايا جديدة. أنت تمزّق أثوابك القديمة وهي تزهو بأثوابها الجديدة. أنت تغرق في النوم وهي تعّج بالسفر. أنت تتحوّل إلى جزء من الماضي، وهي تتحوّل إلى جزء من المستقبل.
هذه هي باريس التي يتغنّى بها السيّاح من دون أن يكتووا بعذاباتها؛ يشاهدون معالمها من دون أن يروا خرائبها. ألم يصدق همنغواي عندما قال: يكفي أن تعيش في باريس مدّة قصيرة لكي تتذكّرها طوال حياتك، فكيف يستطيع من أمضى نصف حياته في هذه المدينة أن يتذكّرها؟

أطياف الجزائريين

أنت عشت في باريس نحو أربعة عقود؛ وصلتها شابّاً وها أنت كهل يكتب ذكرياته. كيف يمكننا أن نتجاوز الصورة النمطيّة للمدينة ونخترق حجبها، لننفذ إلى الحقائق الصعبة؟
سؤال وجيه. باريس صورة، ذاكرة، لكن المرء لا يستطيع أن يحتفظ بها على الدوام، لا لشيء إلا لأنها صورة متغيّرة، كأنها تتناسق مع صيرورة الزمن، وبخاصّة تلك الجموع البشرية التي تتدفّق على أبوابها ثم ترحل، وكأننا أمام ثعبان ضخم يغيّر جلده في كل موسم. ربما يشعر الزائر بنوع من الحسرة، حين يرى أن الحانات القديمة، التي كانت تنتشر على ضفّتي الشوارع، قد تحوّلت إلى محالّ للوجبات الأميركية السريعة.
في بداية 1977، كان بإمكاننا أن نتذوّق جميع الأطباق الفرنسية ومن المحافظات جميعها في شارع واحد، من دون الحاجة إلى مغادرة باريس، قبل أن تطغى محالّ الوجبات الأميركية السريعة، التي قضت على جميع النكهات وأيادي الطبّاخين المهرة، واختزلت ذلك كلّه في وجبات الطعام السريعة.
باريس هي الأطباق الفرنسية الشهّية، مع كأس أو كأسين من النبيذ المعتّق. وهي كذلك منظر نهر السين الذي يشقّ المدينة إلى نصفين، هذا الشريان الأبدي الذي لا يتوقّف حتى لأنين الجزائريين المتظاهرين، الذين تمّ إلقاؤهم فيه من على جسر العاشقين. أما ذنب الجزائريين الوحيد الذين راحوا ضحايا القمع في تلك الليلة الباردة والممطرة من الـ17 تشرين الأول (أكتوبر) 1961، فهو خروجهم للتظاهر سلمياً فقط ضد حظر التجوّل العنصري، الذي فرضته عليهم محافظة الشرطة، والاستجابة لنداء التظاهر الذي وجّهته فيديرالية فرنسا التابعة لجبهة التحرير الوطني، بسبب قيام الشرطة بأعمال عنف عدّة طاولت بشكل خاص الجالية الجزائرية وكان رد الشرطة رهيباً. في مساء ذلك اليوم، كانت شوارع باريس مكدّسة بجثث الجزائريين، حيث رمي بعدد كبير منهم في مياه السين الباردة، كما تمّ اعتقال حوالى عشرة آلاف شخص، وتمّ حجزهم أيّاماً عدّة استمرّت خلالها أعمال العنف، وتمّ ترحيل الكثير منهم نحو الجزائر. وحينها أعلن نهر السين براءته، وكأنه أصبح قاتلاً يعتذر لذوي الراحلين، ولكنه يؤمن بأن الماء قادر على غسل كل ذنوب البشر. وبسريانه في جسد المدينة، يبحث عن ملجأ له، حيث لا يجده إلا في البحر، في تلك النقطة تنتهي سفرته. نحن لا نستطيع إلا أن نتذكّر هذا اليوم المؤلم، لا لكي نستعيد المآسي، بل لأننا نرى أطياف جثث الجزائريين لا تزال تطفو رغم مرور السنوات عليها، لأن الذاكرة تهيمن علينا شئنا أم أبينا.

نهر الفن

لكن نهر السين كما قلت، لا ذنب له، ولو كان مذنباً فهو لا يتوقّف عن غسل ذنوبه، من خلال إلهامه الذي لا يتوقّف للرسّامين والشعراء والمسرحيّين والعشّاق، وهو ما يؤكّد حقيقة أننا بالفن والحب ينتصر الإنسان على الجريمة؟
نعم، لطالما كان السين ملهم المبدعين، وسيبقى؛ ألهم الرسّامين مونيه وماتيس ورينوار، وألهم كبار الشعراء. وهذا النهر يجري بهدوء بين الأحجار الشقراء التي تتكوّن منها أرصفة باريس التي تهزّها أقدام المتجوّلين، والقوارب السمراء. يبدو هذا النهر منساباً مع الأيام والأعوام. لكن هذا النهر ليس بريئاً إلى هذا الحد، إنه الذي خلق من كل القطع هذه المدينة، غذّاها وأثراها، وهو يبعث سحرها. قبل عشرة آلاف سنة، كان يلتوي كالثعبان بين تلال مونمارتر وبيل ڤيل. هذه الذراع القديمة، تمّ هجرانها من قبل هذا النهر. السين هو نهر رئيسي في شمالي فرنسا، وأحد طرق النقل المائية التجارية. كما أنه مصدر جذب سياحي، وبالذات في مدينة باريس التي يمرّ عبرها طول النهر.
يعتبر نهر السين من أهمّ المعالم في باريس. جزيرة «إيل دو لا سيت» الواقعة في قلب النهر تضمّ أماكن سياحية مهمّة مثل كنيسة نوتردام. هنالك 37 جسراً في باريس فوق نهر السين. طول النهر 776 كيلومتراً. ينبع نهر السين من منطقة بورغوندي ويصبّ في القناة الإنكليزية المانش. هنالك رحلات بحرية عديدة للسيّاح تمرّ عبر النهر. على جوانب النهر، هنالك العديد من الحوانيت التي تبيع التذكارات والكتب. في أشهر الصيف تُنظّم بلدية باريس فعاليات على ضفاف النهر وتلقّب بشاطئ باريس.
كان نهر السين ولا يزال مبعث خيال الرسّامين والفنّانين في العالم أجمع، بقواربه وأزهاره وحدائقه وتلك البيوت الخشبية المطلّة عليه. وهنا لم تكن ريشة الرسّامين بعيدة عن رصد جماليات هذا المشهد، فلم تتوقّف عن رسم هذه المناظر الخلاّبة، ومن أبرز هؤلاء أوغست رينوار وكلود مونيه وغوستاف كاييبوت.
تقول مارينا فيريتي: «كان نهر السين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مهد تيّار التشكيل الجديد، لأنه شكّل منبع كل الابتكارات». وهناك رسّامون عدّة سكنوا على ضفاف نهر السين مباشرة، حيث أقام الرسّام المعروف كلود مونيه على مقربة من نهر السين، في حين مخر غوستاف كاييبوت مياهه مراراً، كما صرف القسط الأكبر من الرسّامين الانطباعيين الباقين وقتهم في المقاهي البديعة المحاذية له. وذلك ليكون أحد مصادر التأثير المحورية في أسلوب هؤلاء التشكيليّين، خلال القرن التاسع عشر، إبّان التحوّلات الطارئة عليه، فيما كان يفقد طابعه البرّي لينخرط في حقبة الصناعة وعجلة الترفيه.
وهنا التزم الرسّامون تماماً، العالم الجديد الذي صوّروه، عالماً مؤمناً بمزايا التقدّم، وحيث ساد مذهب المتعة، فكانوا يرتادون الحانات الشعبية في حين مارس بعضهم الرياضات البحرية، مثل غوستاف كاييبوت الذي صار رئيساً لنادي مراكب شراعية. كما اختار عدد كبير منهم الاقامة على ضفاف النهر، حتى في مقدّمهم زعيم التيار الانطباعي كلود مونيه، الذي استقرّ في منطقة «جيفيرني».
حيث أقام حديقة طافحة بالألوان ستشكّل بالنسبة إليه، مصدر وحي لا ينضبّ. إن نهر السين يمثّل مصدر إلهام المبدعين منذ آلاف السنين، وتشير فيريتي أيضاً، إلى أن هذا الانسجام تعاظم مع وصول خطوط سكك الحديد في منتصف القرن التاسع عشر، إلى مدينتي روان والهاڤر، أول مدينتين كبيرتين في فرنسا بلغهما القطار، وهذا تطوّر ساهم في جعل نهر السين أبرز موضوع بالنسبة للانطباعيّين.
ولا تنس معبد جوپيتر، أو كاتدرائية سيدة باريس أو نوتردام، لا تزال بعض آثارها الحجرية في متحف القرون الوسطى. كانت تحمل 28 تمثالاً معلّقاً في أعلى منارتها، هدمها الثوّار لاعتقادهم أنها تمثّل ملوك فرنسا.

درويش وباريس

أنت عشت في باريس زمناً طويلاً وشهدت وصول شعراء وكتّاب للاقامة فيها، منهم محمود درويش هل كتبت عنه بين من كتبت عنهم في كتابك؟
بطبيعة الحال، ودعني أولاً أقل إن باريس هي إن صّح القول «ثريدة فرنسا»، يأتون إليها من جميع مناطق فرنسا: بريتاني، والنورماندي، وبروڤانس، والبورغوندي، وبيكادري وكورسيكا. إنها باريس الأخرى، التي ربما لا يراها الآخرون. بل يمكنني أن أقول بأنها أيضاً «ثريدة العالم»، لأنها لا تعرف العنصرية إزاء المبدعين أبداً، وتستقبل الشعراء والأدباء والمثقّفين من كل مكان، بل ومستعدّة لتحتفل بهم، وتسجّل أسماءهم في سجلّها الذهبي الخالد. فقد دوّنت باريس إسم عاشقها الشاعر محمود درويش على جدرانها، إلى جانب العظماء الذين خلّدتهم على شوارعها وساحاتها وحدائقها وأماكنها العامّة. لقد أمضى نحو خمسة عشر عاماً في هذه المدينة وأبدع جلّ أعماله الشعرية: حصار لمدائح البحر، هي أغنية، ورد أقلّ، مأساة النرجس، ملهاة الفضّة، أرى ما أريد، أحد عشر كوكباً، لماذا تركت الحصان وحيداً؟
«نحبّ الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا»... كان هذا المقطع الشعري يشعّ على لوحة في ساحة محمود درويش في قلب باريس، التي كانت أكثر مدينة ارتاح إليها الشاعر الراحل بعد أن غادر بيروت، باعتبارها إحدى محطّاته بعد القاهرة وبيروت وعمان وتونس وموسكو، وقد فتحت آفاقه على تأثيرات شعرية كثيرة، وأقبل على الحياة الباريسية إثر نجاح عمليّته الجراحية الأولى في القلب سنة 1984 حيث خرج منها منتصراً في معركة وليس في حرب.
أحب محمود درويش باريس إلى حد الألفة، وأصبحت مدينته خلال سنوات قصيرة. له عاداته الشخصيّة وأمزجته ونزواته، وأماكنه المعتادة من مقاهٍ ومطاعم، وصداقاته الحميمة، وأصبح أحد نجوم الحياة الثقافية في باريس، بأمسياته الشعرية، التي أحياها في «اليونيسكو» و«معهد العالم العربي» وغيرهما، بحضور الآلاف. ولعلّ الأمسية التي أحياها في ملعب كرة القدم في مدينة «آرل»، قبل شهر من رحيله، كانت برهاناً على عدم موت الشعر.
عاش الشاعر الراحل في باريس من أجل الكتابة، فقد كان يصحو كل صباح، ويجلس إلى مكتبه المطلّ على ساحة الولايات المتحدة، لكي يكتب حتى الظهيرة وبعدها ينصرف إلى التجوّل في شوارع باريس وساحاتها. لكن باريس صعبة، ومصاريفها الباهظة أجبرت الكثيرين من الكتّاب والأدباء إلى مغادرتها، وهو واحد منهم، وقد أفضى إلى أحد الأصدقاء الأدباء بأنه لو كان يمتلك «غرفة صغيرة» في باريس لما تركها، فودّع باريس إلى عمّان، وفي قلبه حسرة وألم.

الحيّ اللاتيني

هناك روايات كثيرة عن الحيّ اللاتيني، أبرزها عربياً رواية سهيل إدريس «الحيّ اللاتيني». من أين استمدّ هذا الحيّ شهرته في الأدب والفن ولدى مثقّفي العالم؟
عادة ما يتعلّق المثقّفون والبوهيميّون واليساريون والصعاليك في الضفّة اليسرى من باريس، ويعتبرونها القلب الحيوي لمدينتهم، بما تحتويه من أبنية أثرية ومتاحف مهمّة. لا أحد ينسى أن ثورة الطلبة في العام 1968 انطلقت من الحيّ اللاتيني. هذه الأمواج البشرية التي أرعبت الحكومة آنذاك، واضطرّ شارل ديغول، القائد التاريخي، أن يقدّم استقالته. هل كان الثوّار يستمدّون قوّتهم من الضفّة اليسرى؟ كما أنها تحتوي على المقاهي الأدبية المنتشرة في شارع سان جيرمان. وأصبحت مونبرناس مركزاً للفن الطليعي في العشرينيّات.
من أحد المظاهر المميّزة للثقافة البريطانية، هي كلمة «أنتلكتول»، وترجمتها باللغة العربية «المثقّف»، ويقول الشاعر الإنكليزي المعروف د. هـ. أودن إن كلمة «أنتلكتول» تقترح الطريق الصحيح لمعنى المثقّف في اللغة الإنكليزية، وهي كلمة يشوبها الكثير من سوء الفهم في العالم، والسؤال الجوهري هو: ماذا يمكن أن ننتظر من المثقّف؟
وفي بريطانيا، يشوب كلمة المثقّف، الكثير من الغموض والألغاز، حتى أنهم عندما يتحدّثون عنه، يقولون ما يُسمّى بـ«المثقّف». لكن الأمر يختلف في فرنسا، فكلمة مثقّف تحمل الكثير من الدلالات الفكرية، فهي تعني المثقّف الشامل الذي يعتني بكل ما يحصل في المجتمع، ويعتبر نفسه مسؤولاً عنه أخلاقياً. لذلك نجده في قلب المعمعة، جنباً إلى جنب، مع السياسي، إذا لم يكن أكثر أهمّيّة منه. ولعلّ كتاب وزير الثقافة الفرنسي سابقاً أندريه مالرو، كان مهمّاً لدرجة أنه عنونه «أنا وشارل ديغول».
وعندما قامت التظاهرات الطلابية في فرنسا في العام 1968، كان المفكّر والفيلسوف جان پول سارتر يقف في المقدّمة، وعندما تمّ اعتقاله، ووصل الخبر إلى شارل ديغول، صرخ قائلاً: «أطلقوه، إنكم تعتقلون فرنسا بأكملها». هكذا كانت أهمّيّة المثقّف في فرنسا ولا تزال. فالمثقّفون يشكّلون جزءاً من المشهد الثقافي والسياسي في فرنسا، وهم يختلطون مع أفراد المجتمع بشكل يومي. ويكفي أن جان پول سارتر وسيمون دي بوڤوار قد ألّفا معظم كتبهم الأدبية والفكرية في مقاهي دي ماغو ولفلور ودوم وغيرها في شارع سان جيرمان. وإذا كان للمثقّفين في فرنسا دور فاعل ونشط في تحريك المجتمع، وانخراطهم في القضايا السياسية، فإن المثقّفين في بريطانيا ليس لهم الدور ذاته، بل هم يعملون في الكواليس كأكاديميين معزولين. ولطالما وقف المثقّفون الفرنسيون ضد سياسة حكوماتهم من أجل مناصرة البلدان التي استعمرها بلدهم، مثل بيان المثقّفين الفرنسيين الشهير المناصر لتحرير الجزائر. وربما يعود ذلك إلى حدّة السياسة في فرنسا، على عكس الثقافة البريطانية التي تغلب عليها المسحة الارستقراطية، من خلال وجود الكنيسة المتسامحة، والاصلاحيين البرجوازيّين وغيرهم. الفرنسيون يعتنون بمثقّفيهم أكثر من أي بلد آخر، وهم نجوم ومشاهير، لأن سلطة المثقّفين في فرنسا تفوق سلطتهم في بريطانيا، لأنهم يتدخّلون في الشأن العام، ويعطون آراءهم، وهذا ما لا يحصل في بريطانيا.
من أشهر أحياء الضفّة اليسرى الحيّ اللاتيني الذي تأسّس في القرن الثالث عشر، وتحديداً عندما انتقلت أول جامعة في باريس من أروقة نوتردام إلى الضفة اليسرى، ما أدّى إلى توافد طلاب العلم لكي يتعلّموا اللاتينية. كانت الجامعة آنذاك عبارة عن تجمّع الطلبة في الهواء الطلق على شرفة أحد المقاهي في جادّة سان ميشيل، ولا تزال هذه المقاهي المجاورة لجامعة السوربون تغّص بالطلبة وأساتذتهم، وخصوصاً عندما ينتهون من محاضرة أو ينتهون من مناقشة إحدى الأطروحات الجامعية. هنا تنعقد الحميمية في العلاقة بين الطالب وأستاذه. ويوجد في هذا الحيّ أفخم ثانويّتين، وهما ليسّيه هنري الرابع ولويس الأكبر اللتان أسّستا نخبة فرنسا، حيث درس فيهما كل من أندريه مالرو وجان پول سارتر. وساحة سان ميشيل ونافورتها الرائعة التي صمّمها دافيو، وترجع إلى ستينيات القرن التاسع عشر، وهناك شوارع سان سيفيران، ولاهارب، وغالاند. وكذلك كنيسة سان جوليان لوبوفر، التي تتميّز بفنّها القوطي. وتستضيف هذه الكنيسة المميّزة الحفلات الموسيقية والموسيقى الدينية. والقداديس تتلى باليونانية أو العربية، لأنها تعود إلى المذهب الملكي لكنيسة اليونان الأورثوذكس. وعند شارع سان جاك، تقع كنيسة سان سيفيران الشهيرة التي تعود إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر، مشيّدة على الطراز القوطي، ويقال إن دانتي قد صلّى فيها كما طلب من سان سايان أن يكون عازف الكمان الفخري، ووقعت تحت سقفها رواية دان يان «شيفرة دافنشي».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ỉŗάqi ƒάℓζǿή
إشراف عام الدردشة
Ỉŗάqi ƒάℓζǿή


الجنس : ذكر
العمر : 29
عدد المساهمات : 958

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالأحد مايو 04, 2014 10:05 pm

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيد ♥
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥
ننتظر إبداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
التصميم حياتي

التصميم حياتي


الجنس : ذكر
العمر : 26
عدد المساهمات : 771

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالسبت مايو 31, 2014 5:04 pm

شكرا لك موضوع رائع جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
aymen.z

aymen.z


الجنس : ذكر
العمر : 27
عدد المساهمات : 3224

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالخميس يونيو 05, 2014 1:26 pm

شكرا على الموضوع الاكثر من رائع يسلمو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.pubda3m.com
MAIKO

MAIKO


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1405

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالخميس يونيو 05, 2014 3:21 pm

شكرا لك موضوع رائع جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://r-tsmem.moontada.net/
younes zit

younes zit


الجنس : ذكر
العمر : 29
عدد المساهمات : 772

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالخميس يونيو 05, 2014 4:33 pm

جزاك الله خيرآ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Adnan B!H

Adnan B!H


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 11564

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالثلاثاء يونيو 17, 2014 12:15 am

شكرا علي الموضوع المميز والرائع
إتمني الإستمرار
بالتوفيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.pubda3m.com
ونناسهه
المدير العام
ونناسهه


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 22587

الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله   الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله Emptyالثلاثاء يونيو 17, 2014 2:40 pm

شكرا لك وربي يعطيك العافيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.pubda3m.com/
 
الروائي العراقي شاكر نوري في حوار من فرنسا حول أحدث أعماله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عيد ميلاد اسلاام نوري
» وكيل أعماله: سوزا هو من حرّض الشربيني على الانتقال لقطر
» الطالب العراقي
» آخر عُضو مُسجل هو هيثم شاكر فمرحباً به.
» أحدث تصميم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم التطوير العربي :: ملتقى اعضاء عالم التطوير العربي :: قسم الأخبار العامة والرياضية-
انتقل الى: